أسلحة مقلدة تغزو السويد وتصل إلى أيدي القاصرين: “تهديد جديد يربك الشرطة”

الأسلحة التقليدية تغزو السويد. Foto: Polisen.

دال ميديا: بعد أيام من حادثة إطلاق النار المروعة في يافله (Gävle)، التي تورط فيها فتى يبلغ من العمر 14 عامًا ويُشتبه بارتكابه ست محاولات قتل، يعود الجدل مجددًا حول انتشار الأسلحة غير القانونية في السويد — وهذه المرة حول الجيل الجديد من الأسلحة المقلدة التي أصبحت وسيلة رئيسية في يد العصابات والشبكات الإجرامية لتسليح الشباب.

الشرطة السويدية دقت ناقوس الخطر، مؤكدة أن هذه الأسلحة المقرصنة أصبحت “التهديد الجديد” الذي يفاقم أزمة العنف المسلح في البلاد.

“هذه الأسلحة هي الخطر القادم، وهي الطريقة الجديدة التي يحصل بها المجرمون على أسلحة قاتلة”،
يقول يوهان غوستافسون، المفتش في شرطة الجريمة المنظمة، في تصريح نقلته عدة وسائل سويدية منها SVT وTV4.


4 إلى 5 آلاف سلاح غير قانوني في التداول

تشير تقديرات الشرطة إلى وجود ما بين 4,000 و5,000 سلاح ناري غير مشروع في التداول داخل السويد، معظمها ينتقل بين أيدي العصابات النشطة في المدن الكبرى، ويُستخدم في تصفيات وانتقامات متبادلة، وغالبًا ما تقع ضحايا أبرياء بينهم أطفال ومراهقون.

لكن المقلق الآن ليس فقط العدد، بل النوعية: فقد شهدت السويد خلال العام الجاري ارتفاعًا غير مسبوق في عدد الأسلحة المقلدة (piratkopierade vapen) — وهي نسخ طبق الأصل من الأسلحة الأصلية، تصنع في مصانع غير قانونية خارج البلاد.

هذه الأسلحة تبدو أصلية تمامًا إلى درجة أن حتى الخبراء في مختبرات الشرطة الأوروبية يجدون صعوبة في تمييزها.


مصنوعة بدقة قاتلة

منذ بداية العام، صادرت الشرطة أكثر من 100 قطعة من هذه الأسلحة المقلدة، جميعها تعمل بكفاءة كاملة، وبعيارات نارية قوية يمكنها القتل.

“إنها مصنوعة بجودة عالية جدًا، ومن الواضح أنها تُنتج في مصانع أسلحة حقيقية. يمكن لخبراء الأسلحة أن يخطئوا في تحديدها — فهي متقنة إلى حد مذهل”،
يضيف غوستافسون.

الشرطة تؤكد أن جميع المضبوطات وُجدت داخل بيئات إجرامية خطيرة، وتُستخدم حصريًا في أغراض عنيفة أو جرائم قتل، وليس بين الهواة أو الصيادين أو الرياضيين.


طلب مرتفع وسوق مزدهرة

ظاهرة هذه الأسلحة المقرصنة برزت لأول مرة عام 2022، لكنها تضاعفت خلال العامين الأخيرين بشكل “مثير للقلق”.
الشرطة ترى أن السبب الرئيسي وراء الزيادة يعود إلى قانون العرض والطلب:

“عندما تُغلق قنوات التهريب التقليدية، يبحث المجرمون عن طرق جديدة للحصول على السلاح — والمقلدات هي الحل الجديد”،
يوضح غوستافسون.

أما يسبر ليدهولم، الخبير في تهريب الأسلحة لدى مصلحة الجمارك السويدية (Tullverket)، فيؤكد أن السيطرة الكاملة على الحدود أمر مستحيل عمليًا:

“نواجه تدفقًا هائلًا من الشحنات عبر الطرود والسيارات والسفن. ليس لدينا القدرة البشرية لاعتراض أكثر من جزء بسيط من كل ما يدخل البلاد.”

بحسب ليدهولم، يتم تهريب نحو 2000 سلاح سنويًا عبر الحدود السويدية، لكن الإحصاءات “لا تعكس الحجم الحقيقي للمشكلة”، لأن كثيرًا من الشحنات تحتوي على أسلحة صوتية أو غازية يتم تعديلها لاحقًا لتصبح قاتلة.


سلاح مجاني مقابل الولاء

الصحفي كاروان فراج، المتخصص في قضايا العصابات، يرى أن انتشار هذه الأسلحة المقلدة مرتبط أيضًا بتجنيد الأطفال والمراهقين داخل الشبكات الإجرامية.

“قادة العصابات يقدّمون الأسلحة كهدايا لجذب الصغار. أن تمتلك سلاحًا يعني أن لديك مكانة. إنها طريقة لتلقين العنف وزرعه في سن مبكرة.”

ويضيف أن سوق السلاح في السويد يشهد طفرة في الأسعار — فبينما كان السلاح اليدوي يُباع قبل عشر سنوات بنحو 10 إلى 15 ألف كرونة، أصبح اليوم يصل إلى 50 ألفًا، ما يعكس حجم الطلب وشحّ المعروض.


تحديات أمام الشرطة والحكومة

الحكومة السويدية تواجه انتقادات بسبب بطء الإجراءات في وقف تهريب الأسلحة، رغم سلسلة القوانين الجديدة لتشديد العقوبات. لكن المسؤولين في الشرطة والجمارك يؤكدون أن الأمر يتجاوز الحدود الوطنية، ويتطلب تعاونًا أوروبيًا واسع النطاق مع دول البلقان وأوروبا الشرقية حيث يتم تصنيع أو تهريب هذه الأسلحة.

السلطات تعمل الآن على إنشاء وحدة وطنية متخصصة لتعقب شبكات التهريب عبر البريد والموانئ، مع تعزيز التعاون مع اليوروبول (Europol).


تهديد يتسلل في صمت

في الوقت الذي تزداد فيه حوادث إطلاق النار، يمثل انتشار هذه الأسلحة “المزيفة الحقيقية” تهديدًا مضاعفًا: فهي رخيصة، دقيقة، وصعبة الاكتشاف — ما يجعلها السلاح المفضل للشبكات الإجرامية.

“الأسوأ من ذلك أن من يحملها اليوم قد يكون طفلًا لم يتجاوز الرابعة عشرة”،
يقول أحد ضباط الشرطة في منطقة يافله، تعليقًا على الحادث الذي صدم الرأي العام.

المصدر: tv4

المزيد من المواضيع