دال ميديا: في مقابلة حصرية مع قناة SVT السويدية وثلاث قنوات أوروبية أخرى، استعرضت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تداعيات قرارها الحاسم خلال أزمة اللاجئين في عام 2015، الذي أثار جدلاً واسعًا وأعاد تشكيل المشهد السياسي في ألمانيا. ورغم الانتقادات التي واجهتها، أكدت ميركل أنها لو عادت بها الأيام لاتخذت نفس القرار.
“عندما يكون الناس في أمس الحاجة ويقفون أمام أبوابنا، علينا أن نتصرف بإنسانية”، قالت ميركل، مستذكرة اللحظة الحاسمة في الليلة بين 4 و5 سبتمبر 2015، عندما قررت تجاوز قوانين اللجوء الأوروبية والسماح لآلاف اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في المجر بدخول ألمانيا.
“Wir schaffen das” – شعار الأمل والانقسام
في وقت كانت ألمانيا تواجه تدفقًا هائلًا للاجئين، مع دخول حوالي 10,000 شخص يوميًا عبر الحدود، رفعت ميركل شعار “Wir schaffen das”(“يمكننا أن نفعل ذلك”). أصبح هذا الشعار رمزًا لسياسة الباب المفتوح، لكنه كان أيضًا محط سخرية وانتقادات حادة من معارضيها، حتى داخل حزبها.
تقول ميركل: “تجاوزنا تلك المرحلة، ونجحنا. لكن القرار أثار جدلًا كبيرًا، وشهدنا خلافات داخل عائلتنا الحزبية.”
تصاعد قوة حزب AfD
كان أحد أبرز تداعيات سياسة ميركل هو نمو حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، الذي استغل الأزمة لتوسيع نفوذه. اليوم، أصبح الحزب ثاني أكبر قوة سياسية في ألمانيا وفقًا لاستطلاعات الرأي. لم يكن قرار فتح الحدود هو الحدث الوحيد الذي ساهم في صعود الحزب، إذ استفاد أيضًا من الجدل حول إنقاذ اليونان خلال أزمة اليورو وسياسات الحكومة أثناء جائحة كورونا.
عندما سُئلت ميركل عما إذا كانت قد تستطيع كبح نمو حزب AfD عبر اتخاذ قرارات مختلفة، أجابت بحزم: “ما البديل؟ هل كنا سنطرد اليونان من منطقة اليورو؟ أو نستخدم خراطيم المياه ضد اللاجئين؟ كانت إجابتي على كلا السؤالين هي لا.”
وأضافت: “ربما ساهمت النقاشات الحادة بين الأحزاب الديمقراطية في زيادة الدعم لـ AfD. لكنني أؤمن بأن القرار كان صائبًا.”
ميركل بين الماضي والحاضر
في سيرتها الذاتية الجديدة “الحرية”، تسرد ميركل تفاصيل تلك المرحلة العصيبة، التي وضعت مبادئها السياسية أمام اختبار صعب. ترى ميركل أن الإنسانية يجب أن تظل دائمًا أولوية، حتى في ظل التحديات السياسية والاجتماعية التي قد تنجم عن قرارات مماثلة.
“إرث ميركل السياسي”
بين من يعتبرون قرارها تعبيرًا عن قيم التضامن والإنسانية، ومن يرونه خطأً تاريخيًا ساهم في تغيير المشهد السياسي الألماني، يظل إرث أنجيلا ميركل موضع نقاش. قرارها عام 2015 لم يكن مجرد استجابة لأزمة، بل كان لحظة محورية أعادت تعريف السياسة الألمانية وأثرت في أوروبا والعالم.
المصدر: SVT