تجاوز للحدود؟.. انتقادات لاذعة لحكم المحكمة ضد سلوان نجم في قضية حرق المصحف!

بعد حكم المحكمة.. هل يشكل حرق المصحف تهديدًا لحرية التعبير في السويد؟ الصورة: TT

دال ميديا: أثارت محكمة سويدية جدلًا واسعًا بعد إصدارها حكمًا بإدانة سلوان نجم، أحد المتهمين بحرق المصحف، وهو ما دفع خبراء في حرية التعبير إلى التشكيك في صحة الحكم والطريقة التي تم بها تطبيق القانون. الصحفي والخبير في قضايا حرية التعبير نيلس فونكه انتقد القرار بشدة، معتبرًا أنه ينطوي على “تفسير مروع لحرية التعبير”، ويتضمن “خطأً قانونيًا جسيمًا”، حسبما نقلت وكالة الأنباء السويدية TT.

إدانة مثيرة للجدل ومحاكمة غير اعتيادية

صدر الحكم ضد سلوان نجم يوم الإثنين، وسط انتقادات لاذعة وجهت إلى المحكمة والنيابة العامة على طريقة التعامل مع القضية. وتركزت الانتقادات على أن المحكمة قامت “بدمج تصريحات نجم مع تصريحات سلوان موميكا”، الذي كان شريكه في حرق المصحف، وهو ما اعتبره الخبراء سابقة قانونية خطيرة.

وفقًا لفونكه، لم تتضمن تصريحات نجم أي محتوى يصل إلى مستوى “التحريض ضد جماعة”، وهو أحد الشروط الأساسية لاعتبار الفعل “جريمة كراهية” أو “تحريضًا ضد جماعة سكانية”، وهي التهمة التي استندت إليها المحكمة في حكمها. وأضاف أن تصريحاته لم تتجاوز حدود “النقد الديني”، وهو ما يحميه الدستور السويدي ومواثيق حقوق الإنسان الدولية.

هل تم تحميل نجم مسؤولية أفعال شريكه؟

أحد أبرز الجوانب المثيرة للجدل في القضية هو أن المحكمة استندت إلى أفعال وتصريحات سلوان موميكا – الذي قتل مؤخرًا في حادثة إطلاق نار في سودرتاليا – لربط نجم بتهمة “التحريض ضد جماعة دينية”، رغم أن الأخير لم يوجه أي خطاب مباشر ينطوي على الكراهية أو التهديد، وفقًا لمراقبين قانونيين.

نيلس فونكه أوضح:
“الاستماع إلى تصريحات سلوان نجم التي تم تفريغها من المقاطع المسجلة يظهر أنها لم تكن أكثر من انتقاد ديني للإسلام، والقرآن، والنبي محمد. هذه الآراء قد تكون مستفزة للبعض، لكنها لا تصل إلى مستوى التحريض على الكراهية. من الخطير جدًا أن يتم الحكم على شخص بسبب تصريحات شخص آخر”.

وأضاف أن الحكم ينتهك مبدأ المسؤولية الفردية عن الجرائم، حيث لا يجوز تحميل فرد مسؤولية أقوال أو أفعال شخص آخر لمجرد أنه كان حاضرًا معه أثناء الواقعة.

تفاصيل التهم وأسباب الحكم

يُذكر أن القضية تعود إلى أربع عمليات لحرق المصحف جرت في ستوكهولم عام 2023، حيث قام نجم وموميكا بإحراق المصحف، والركل عليه، وتغليفه بقطع من لحم الخنزير في استعراض استفزازي أثار ردود فعل غاضبة في العالم الإسلامي.

لكن النيابة العامة دفعت بأن أفعال نجم لا يمكن فصلها عن “سياق أكبر”، حيث أظهرت التحقيقات أن المظاهرات التي نظمت كانت تهدف إلى “إهانة المسلمين والتحريض ضدهم”، وهو ما دفع المحكمة إلى إدانته.

وفي المقابل، يرى فونكه أن القانون السويدي “لا يعاقب على الأفعال الرمزية بحد ذاتها”، بل على “المحتوى التحريضي الذي يحمل تهديدًا أو تعبيرًا واضحًا عن الكراهية”، وهو ما لم يثبُت بحق نجم.

انتقادات للحكم والمطالبة بالاستئناف

طالب خبراء قانونيون ومحامون بضرورة استئناف الحكم أمام محكمة أعلى، حيث رأوا أن القضية قد تشكل “سابقة خطيرة” في القضاء السويدي، وتؤثر على مساحة حرية التعبير في البلاد.

كما تساءل البعض عما إذا كان الحكم قد تأثر بالضغط السياسي والدبلوماسي، خصوصًا مع إدانات دولية لحرق المصحف ومطالبات بعقوبات أكثر صرامة ضد مثل هذه الأفعال في السويد.

من جانبها، لم تعلن النيابة العامة بعد ما إذا كانت ستطالب بعقوبات أكثر صرامة أو ستكتفي بالحكم الصادر، لكن من المتوقع أن تشهد القضية تطورات قانونية مهمة خلال الأسابيع المقبلة.

ما التالي؟

يرى مراقبون أن الحكم قد يكون نقطة تحول في التعامل مع قضايا حرية التعبير في السويد، خصوصًا فيما يتعلق بالنقد الديني والتعبير عن آراء قد تُعتبر مستفزة أو مسيئة لمجموعات دينية.

وفيما ينتظر الجميع موقف محكمة الاستئناف، يبقى السؤال الأهم: هل ستتم مراجعة القضية وفق معايير حرية التعبير، أم أن القضاء السويدي سيواصل نهجه في تضييق المساحة أمام هذه الممارسات؟

المزيد من المواضيع