دال ميديا: كشفت دراسة جديدة صادرة عن هيئة المعرفة ببيئة العمل السويدية (Mynak)، بالتعاون مع باحثين من جامعة غوتنبرغ، عن انتشار ما يُعرف بـ”ثقافة الصمت” داخل بيئات العمل في السويد، حيث أقرّ أكثر من ربع العاملين في البلاد بأنهم يشعرون بعدم الأمان عند التعبير عن آرائهم أو الإبلاغ عن المخالفات في أماكن عملهم، وهي ظاهرة وُصفت بأنها “مقلقة وخطيرة على المدى الطويل”.
وبحسب الدراسة، التي استندت إلى استطلاع شمل أكثر من 7000 موظف ومدير في قطاعات مختلفة، فإن الظاهرة أكثر شيوعًا داخل القطاع العام، خاصة في البلديات والمؤسسات الحكومية، حيث يخشى الموظفون من العواقب إذا ما تحدّثوا عن التجاوزات أو المشكلات الداخلية.
رئيسة نقابة Vision، فيرونيكا ماغنوسون، حذّرت من أن هذه الأرقام تشكّل تهديدًا مباشرًا لأسس النظام الإداري في البلاد، قائلة:
“هذه النسبة مرتفعة وخطيرة، لأنها تمسّ جوهر النظام. فعندما يسود الصمت داخل القطاع العام، ولا تُكشف التجاوزات أو تُسمع الأفكار، تتراجع جودة الرفاهية العامة، ويحرم المواطنون من الخدمات التي من حقهم الحصول عليها.”
بلدية هوربي نموذجاً صارخاً
وتُعد بلدية هوربي (Hörby) إحدى أبرز الأمثلة على تفشي “ثقافة الصمت”، إذ عانت لسنوات من بيئة عمل متوترة بعد سلسلة من الخلافات الإدارية والقرارات المثيرة للجدل.
ووفقًا لممثلين نقابيين، فقد كانت البلدية موضوع انتقادات من هيئة بيئة العمل السويدية (Arbetsmiljöverket)، وواجهت تهديدًا بفرض غرامات نتيجة الأوضاع الداخلية.
وقال تشارلي أورثين-لاهِن، أحد ممثلي نقابة Vision ورئيس لجنة السلامة في هوربي، إن الخوف من التحدث أو الإبلاغ كان مسيطرًا على الموظفين:
“الناس أرادوا التواصل معنا سرًّا، كانوا يريدون التحدث ولكن دون أن تُكشف أسماؤهم. لم يجرؤ أحد على الإبلاغ رسميًا، وكنقابة لا يمكننا التحرك دون وجود شكوى موثقة، وهو ما جعلنا عاجزين عن التدخل. كان ذلك وضعًا مقلقًا للغاية.”
تحسن نسبي… لكن الخوف ما زال باقيًا
ورغم أن الوضع في هوربي تحسن نسبيًا خلال العامين الماضيين، فإن آثار “ثقافة الصمت” لا تزال حاضرة في أذهان الموظفين.
يقول أورثين-لاهِن:
“حين تُلغى اتفاقيات التعاون وتُقيَّد الأنشطة النقابية ويُمنع الموظفون من المشاركة في فعاليات عامة مثل الـPriden، فإن ذلك يترك أثرًا نفسيًا طويل الأمد. حتى بعد مرور الوقت، يظل الناس يتساءلون: هل أجرؤ على الاعتراض؟ هل يمكن أن أفقد عملي؟ هذه الأسئلة لا تزال تلاحقهم.”
الدراسة الجديدة، التي ستُنشر رسميًا خلال الأسابيع المقبلة، تعتبر من أكثر الدراسات تمثيلًا للواقع السويدي في السنوات الأخيرة، وتشير إلى حاجة ملحّة لإعادة بناء الثقة في أماكن العمل، خاصة في المؤسسات الحكومية التي يُفترض أن تكون نموذجًا في الشفافية والانفتاح.
المصدر: tv4