دال ميديا: في تقرير جديد أثار جدلاً واسعًا في السويد، حذّر اتحاد نقابة العاملين في التجارة (Handels) من الاستخدام المفرط والمسيء للتكنولوجيا الرقمية داخل أماكن العمل، حيث يتم تتبّع الموظفين ومراقبتهم في كل حركة — من الكاميرات المباشرة إلى عدّ عدد المرات التي يشربون فيها الماء.
التقرير يسلّط الضوء على واقع جديد في قطاع التجارة والبيع بالتجزئة، حيث تحولت التكنولوجيا من أداة لزيادة الكفاءة إلى وسيلة للسيطرة الصارمة على العمال.
“الذهاب إلى العمل لا يجب أن يكون مثل المشاركة في برنامج واقعي (Reality show) تُراقب فيه كل خطوة تخطوها. الموظفون يعيشون تحت ضغط نفسي هائل”،
تقول ليندا بالمِتسهوفر، رئيسة اتحاد نقابة العاملين في التجارة .
كاميرات في المكاتب… ومكالمات من المدراء في الإجازات
بحسب التقرير، فإن 30 بالمئة من العاملين في المتاجر وأكثر من نصف موظفي المستودعات (51%) يؤكدون أن إدخال الأنظمة التقنية الحديثة في بيئة العمل أدى إلى زيادة الرقابة الرقمية عليهم بشكل مباشر.
العديد من العاملين تحدثوا عن حالات مثيرة للقلق، منها:
-
كاميرات مراقبة موجّهة نحو المراحيض الخاصة بالموظفين،
-
مديرون يراقبون البث الحي من الكاميرات حتى أثناء إجازاتهم،
-
استدعاءات إدارية بسبب “زيارات طويلة للمرحاض” أو “كثرة شرب الماء”.
وفي بعض الحالات، تم ربط أنظمة المراقبة مباشرة بـهواتف المدراء عبر تطبيقات تتيح لهم مشاهدة ما يجري في الوقت الفعلي داخل المتجر.
“لقد تلقيت مكالمة من المدير الذي لم يكن حتى في مكان العمل، يطلب مني التوقف عن مهمة معينة. عندها أدركت أنني مراقبة طوال الوقت، وهذا يُفقدنا الشعور بالثقة تمامًا”،
تقول جوزفين كارلسون، التي تعمل في مجال التجارة منذ أكثر من عشر سنوات.
“كل ضغطة زر تُسجّل”
تحدث التقرير أيضًا عن أنظمة رقمية تسجّل كل عملية يقوم بها الموظف على جهاز الصندوق (kassa)، بما في ذلك سرعة الضغط على الأزرار ومدة التوقف بين الزبائن.
ويجري أحيانًا استخدام هذه البيانات في اجتماعات تقييم الأداء — مما يؤدي إلى خلق شعور دائم بالملاحقة والرقابة.
الجهات الرقابية: ما يحدث يخالف القانون
بحسب هيئة حماية الخصوصية السويدية (Integritetsskyddsmyndigheten – IMY)، فإن مراقبة الموظفين عبر الكاميرات بهدف تقييم أدائهم تُعد مخالفة للقانون، إذ يجب أن يكون الغرض من أي نظام مراقبة واضحًا ومبررًا بشكل قانوني.
ومع ذلك، تكشف النقابة في تقريرها أن العديد من أرباب العمل لا يلتزمون بهذه القواعد، ولا يقدّمون للموظفين أي معلومات عن مدى المراقبة أو نوع البيانات التي تُجمع عنهم.
“القانون واضح: لا يمكن تبرير مراقبة الأداء عبر الكاميرات أو الأنظمة الرقمية إلا في حالات نادرة جدًا. وعلى أصحاب العمل إشراك النقابة وممثلي السلامة في كل مرحلة قبل تطبيق أي نظام جديد”،
تؤكد بالمِتسهوفر.
رقابة بلا حدود… وثقة تتآكل
تقول النقابة إن الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي، وأنظمة تحليل البيانات في بيئات العمل، حوّل العلاقة بين المدير والموظف إلى علاقة “عدم ثقة” قائمة على الشك والمراقبة المستمرة.
وفي المقابل، يرى بعض أصحاب العمل أن التكنولوجيا ضرورية لتحسين الكفاءة والأمن، لكن النقابة تحذر من أن الثمن الإنساني باهظ — من تدهور الصحة النفسية إلى زيادة نسب الاستقالات في القطاع.
المصدر: tv4