هل تتخلى واشنطن عن شرق سوريا؟ تحركات أمريكية تثير الغموض حول مصير النفوذ والتحالفات

القوات الأمريكية في سوريا والعراق.

دل ميديا: تشهد منطقة دير الزور شرقي سوريا تطورات لافتة، إذ بدأت القوات الأمريكية سحب جزء من وحداتها المتمركزة في حقل كونيكو للغاز باتجاه محافظة الحسكة، ما أثار تكهنات حول إعادة تموضع استراتيجية أو بداية انسحاب جزئي من سوريا، في ظل ضغوط إقليمية ومفاوضات حساسة مع قوى إقليمية مثل إيران، واستياء متصاعد من إدارة بايدن بشأن التواجد العسكري المكلف في الخارج.

مناورات سياسية أم انسحاب فعلي؟

بحسب مصادر ميدانية وشهود عيان، فإن القوات الأمريكية أخرجت قافلة عسكرية تتضمن ناقلات وآليات من حقل كونيكو، بالتوازي مع إنزال منطاد المراقبة الجوي الذي كان يستخدم للرصد والاستطلاع. رغم ذلك، لا تزال التحركات في المنطقة توحي بأن الانسحاب ليس شاملًا أو نهائيًا.

وتشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة تفكر في تقليص عدد قواتها في سوريا إلى النصف، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز عن مسؤولين أمريكيين، حيث قد ينخفض العدد إلى نحو ألف جندي فقط، مقابل ما يقارب 2000 جندي حاليًا.

تقارب “قسد” ودمشق… هل تملأ الحكومة السورية الفراغ؟

اللافت أن هذه التحركات تتزامن مع تكثيف الاجتماعات بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والحكومة السورية، للوصول إلى تفاهمات حول تسليم حقول النفط والغاز شرق الفرات، تمهيدًا لدخول قوات حكومية إلى تلك المناطق، مما يطرح تساؤلات حول إعادة توزيع النفوذ وعودة تدريجية لسيطرة الدولة السورية على مواقع استراتيجية كانت خارج سيطرتها منذ سنوات.

هذا الانفتاح بين الجانبين قد يكون نتيجة طبيعية لتراجع الثقة بالحليف الأمريكي، الذي أظهر في مرات عديدة تردده في الانخراط العسكري العميق أو التزامه بدعم طويل الأمد لـ”قسد”.


البُعد الإنساني: تعليق المساعدات يفاقم معاناة الأطفال

في موازاة هذه التحولات العسكرية والسياسية، أعلنت منظمة “أنقذوا الطفل” (Save the Children) أن أكثر من 400 ألف طفل في سوريا يواجهون خطر “سوء التغذية الحاد” بعد تعليق مفاجئ للمساعدات الأمريكية، ما اضطر المنظمة إلى إغلاق عدد كبير من مراكز التغذية والرعاية المنقذة للحياة.

“نحو 40,500 طفل فقدوا إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الضرورية”، بحسب المنظمة.

وتحمّل المنظمة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مسؤولية هذا التدهور، بعد أن أمر بتفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وتجميد 83% من برامجها في سوريا، مما تسبب في فجوة تمويلية هائلة لم تتمكن المنظمات الدولية من تعويضها حتى الآن.


صورة قاتمة: الفقر والمجاعة في تصاعد

وفق تقرير سابق لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعاني 9 من أصل 10 سوريين من الفقر، ويواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي. وتزداد حدة هذه الأزمة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، وخاصة في الشمال الشرقي، حيث النفط مقابل الجوع، والجنود مقابل الحماية، في معادلة معقدة لم تعد الولايات المتحدة قادرة – أو راغبة – في إدارتها كما في السابق.


خلاصة واستنتاجات:

  • سحب جزئي للقوات الأمريكية قد لا يكون انسحابًا تامًا، بل إعادة تموضع محسوبة مرتبطة بمفاوضات إقليمية وتقديرات داخلية أمريكية.

  • تقارب محتمل بين “قسد” ودمشق يمهد لعودة تدريجية للدولة السورية إلى مناطق استراتيجية مثل حقول الغاز.

  • الفراغ الأمريكي قد يُملأ روسيًا أو إيرانيًا أو تركيًا، مما يخلق بيئة جديدة للصراع أو التحالفات الهشة.

  • الأزمة الإنسانية تتفاقم بشدة، والأطفال يدفعون الثمن الأكبر لتقلبات التمويل والقرار السياسي الأمريكي.

المزيد من المواضيع