وفقا لتقديرات البنك الدولي، يرسل الأفراد ما يصل الى 18 مليار كرونة سويدية الى بلدانهم الأصلية بهدف تقديم المساعدة للأهل و الأقارب، حيث يتم استخدام مختلف الطرق لإرسال هذه الأموال، و بسبب ان هذه المدفوعات تتم غالباً من خلال مكاتب الحوالة و غيرها من الشركات غير المرخصة، فقد تكون المبالغ المرسلة أكثر من ذلك بكثير.
في مقال للكاتبة سوفيا لوينمارك “Sofie Löwenmark”، نشرتها في صحيفة إكسبريسن، تسلط الضوء على موضوع الأموال التي يتم إرسالها الى بلدان أخرى بهدف مساعدة الأهل و الأصدقاء.
تشير المقالة التي نشرت يوم الجمعة، ان العديد من الدراسات الدولية تؤكد ان الأموال يتم إرسالها من السويد، تساعد الكثيرين من مستلمي هذه الأموال في حياتهم المعيشية و تحسن من وضعهم الاجتماعي و الاقتصادي.
لكن هناك قلة من الناس الذين ينظرون الى الوجه الآخر لهذه المسألة، و هو ان الذين يرسلون هذه الأموال يخاطرون بتردي وضعهم الاقتصادي والذي يساهم في زيادة الفقر بينهم.
يتوقع البنك الدولي ان تزيد هذه التحويلات خلال العام المقبل. التضخم وضعف عملة كرونة، يعني ان ذوي الأصول الأجنبية في السويد، يشعرون انه يتعين عليهم إرسال المزيد من الأموال لمساعدة أقاربهم.
بحسب البنك الدولي، ان الكثير من هؤلاء على استعداد لتقديم تضحيات من خلال العيش في ضيقة مالية أكبر و تناول كميات أقل من الطعام والعمل بشكل أكثر في سبيل مساعدة أهلهم في بلدانهم الاصلية.
إذا كان الأمر يتعلق بالأشخاص الذين لديهم القدرة المالية و يريدون مساعدة أهلهم، فهي لن تكون مشكلة على الإطلاق، لكن عندما يقوم البعض من هؤلاء بالمثول أمام المحاكم الإدارية بسبب احتياجاتهم المادية، فهذا يدل على ان هؤلاء يضعون أنفسهم و أطفالهم في مواقف صعبة بسبب رغبتهم في تقديم المساعدة لأقاربهم في الخارج.
تقوم عائلة من أصل سوري بإرسال مبالغ كبيرة نسبياً للأهل في وطنها الأم، في وقت تعيشها هي على الإعانات التي تقدمها الدولة لها، الأمر الذي أدى الى ظهور مشاكل و صعوبات في تأمين الطعام والملابس الشتوية لأطفالها.
كما ان امرأة أخرى تم حرمانها من المساعدات المالية التي تقدمها الدولة للمساهمة في دفع الإيجار، بسبب قيامها بإرسال تسعة آلاف كرونة الى أهلها في الصومال خلال تلك الفترة.
ايضا، تقدم رجل بطلب الحصول على مساعدة ليتمكن من سداد متأخر الإيجار لأربعة أشهر، لأنه بات معرضا للطرد من منزله، و كتفسير لسبب عدم دفعه الإيجار على الرغم من ان لديه دخل جيد من عمله، ذكر انه يرسل الأموال الى أسرته في أفريقيا.
حصل رجل آخر على إعفاء من الديون بعد أن أرسل أموالاً الى الكونغو، بدلاً من دفع فواتيره، و قد حُرم لاحقاً من الحصول على المزيد من المساعدات التي كان يتلقاها من ليتمكن من دفع إيجار مسكنه، ذلك بعد ان أظهرت بياناته المصرفية انه قام بتحويل مبالغ مالية جديدة الى الخارج.
غالبًا ما تُستخدم العوامل الاجتماعية والاقتصادية في المناقشة والبحث من أجل وضع تفسير واضح لكل شيء مثل الوضع الدراسي والصحي و حتى الجريمة ، لان سياسة الرفاه تعتمد بشكل أساسي على معادلة كل الاختلافات.
لكن من الصعب رفع مستوى معيشة الأشخاص الذين يعطون الأولوية لمساعدة الآخرين، فعندما ترسل عائلة فقيرة مبلغ مالي ضخم الى الخارج، يصبح من الصعب ان تكون لسياسة المساعدات التي تقدمها الدولة مثل بدل السكن ودعم النفقات الشهرية و بدل تعدد الأطفال اي تأثير.
بالطبع لا توجد حلول بسيطة لهذه المشكلة، وحتى انه من الصعب على السياسة ان تتحكم فيما يفعله الناس بأموالهم حتى لو كانوا يعيشون على الإعانات.
ترى الكاتبة سوفيا لوينمارك، انه من الغريب ان توصف هذه التحويلات المالية شبه الدائمية، إيجابية من طرف الحكومة، ليس هذا فحسب بل قامت حكومة الاشتراكيين بتسهيل طرق إرسال هذه الأموال.
لقد حان الوقت ايضا لمراجعة كيفية تأثير هذه التحويلات على حياة الناس هنا في السويد. ان كون الغرض من إرسال الأموال هو لهدف إيجابي، لا يمكن ان يقف في طريق زيادة المعرفة.