دال ميديا: في مشهد يعكس مفارقة طبية مثيرة، تشهد القارة الأوروبية ارتفاعًا حادًا في حالات الإصابة بمرض الحصبة، على الرغم من توفر لقاح فعّال وواسع الانتشار منذ عقود.
وتُعزى هذه العودة المفاجئة إلى تراجع معدلات التطعيم، وانتشار الشكوك والمعلومات المضللة حول اللقاحات، بحسب ما أكده خبراء في الصحة العامة.
وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، سُجّلت أكثر من 35 ألف حالة إصابة بالحصبة في أوروبا خلال العام الماضي، وهو رقم مقلق في ضوء التقدم الذي كانت قد أحرزته العديد من الدول باتجاه القضاء على المرض.
“هناك إمكانية حقيقية للقضاء على الحصبة بشكل كامل، لكننا لا نزال بعيدين جدًا عن تحقيق ذلك”،
قال كبير الأوبئة في السويد ماغنوس يسلين، في مقابلة بثّتها قناة TV4 صباح الثلاثاء.
تفشي عالمي… رغم اللقاح
لا يقتصر الانتشار على أوروبا وحدها، بل تم رصد ارتفاع مماثل في الولايات المتحدة وكندا. ويرى يسلين أن السبب الأساسي يعود إلى ضعف التغطية بالتطعيم في بعض الدول والمجتمعات، إضافة إلى سلوكيات قائمة على عدم الثقة بالمؤسسات الصحية والرسمية.
في السويد، تبقى الأرقام مستقرة نسبيًا، مع تسجيل ما بين 20 إلى 50 حالة سنويًا، معظمها لأشخاص غير ملقحين أصيبوا بالعدوى أثناء السفر خارج البلاد. وتُعد السويد من الدول التي لا تزال تحافظ على مستوى مرتفع من التغطية بالتطعيم، إذ يُدرج اللقاح في البرنامج الوطني للأطفال.
لقاح آمن… لكن الشك أقوى
يشير يسلين إلى أن الحصبة “مرض خطير يسبب ارتفاعًا حادًا في الحرارة وطفحًا جلديًا، ويمكن أن يكون مميتًا”، وينتقل عبر الهواء من خلال العطاس أو السعال، وهو من أكثر الفيروسات قدرة على العدوى.
ومع ذلك، يلاحظ أن كثيرين لا يأخذون المرض على محمل الجد، خاصة في المجتمعات التي لم تشهد حالات خطيرة مؤخرًا.
“عندما لا يرى الناس أطفالًا يعانون أو يموتون من المرض، يعتقدون أنه غير خطير، وهذا ما يجعلهم يترددون في التطعيم”،
يضيف يسلين، محذرًا من أن النتيجة قد تكون عودة أمراض كان يُعتقد أنها في طريق الزوال.
تباين عالمي في أرقام التطعيم
بينما تُسجّل بعض الدول الأوروبية معدلات تلقيح تقل عن الحد الأدنى الموصى به، تُظهر دول مثل الكونغو الديمقراطية واقعًا أكثر مأساوية، حيث يموت آلاف الأطفال سنويًا بسبب الحصبة، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية.
المنظمة تؤكد أنه يمكن القضاء على الحصبة إذا تم تطعيم 95% من الأطفال، وهو هدف لا يزال بعيد المنال في مناطق عديدة حول العالم.