بعد رفع العلم الأميركي في دمشق… واشنطن تدعو لحوار سوري إسرائيلي يبدأ باتفاق “عدم اعتداء”

المبعوث الأميركي يرفع العلم في دمشق Syria Thomas Barrack. Photo: Syrian Arab News Agency Apaimage/APA Images via ZUMA Press Wire/dpa

دال ميديا: في لحظة سياسية بدت كأنها مقتطعة من مشهد لم نتخيله بعد 13 عامًا من القطيعة، رفع المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس برّاك، العلم الأميركي في قلب دمشق، داعياً علناً إلى “اتفاق عدم اعتداء” بين سوريا وإسرائيل.

هذه الخطوة، التي تأتي في أعقاب الإعلان المفاجئ عن رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على سوريا، وعودة العلاقات الدبلوماسية، تُعدّ تحولاً دراماتيكياً في مسار الأزمة السورية وتوازنات المنطقة.

برّاك في دمشق… والملف الإسرائيلي أولاً

برّاك، الذي يشغل أيضاً منصب السفير الأميركي في أنقرة، وصل دمشق يوم الخميس، في أول زيارة رسمية بعد تعيينه مبعوثاً خاصاً إلى سوريا. و في تصريح لوسائل الاعلام، أكد أن الصراع بين سوريا وإسرائيل “قابل للحل ويبدأ بالحوار”، مقترحاً توقيع اتفاق عدم اعتداء كخطوة أولى.

وتم استقباله في قصر الشعب من قِبل الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، بحضور مسؤولين بارزين في وزارات الخارجية والدفاع والاستخبارات.

حرب باردة بطائرات ساخنة

تصريحات برّاك جاءت بعد أسابيع من تصاعد التوتر بين دمشق وتل أبيب، إذ كثّفت إسرائيل غاراتها الجوية على مواقع عسكرية سورية، بذريعة منع سقوط السلاح في “الأيادي الخطأ” بعد التغيرات الأخيرة في القيادة السورية.

إحدى الضربات الإسرائيلية استهدفت محيط القصر الرئاسي نفسه في دمشق، بينما توغلت قوات إسرائيلية أكثر من مرة في المنطقة العازلة في الجولان، في مشهد يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الحرب المفتوحة على نار هادئة.

لكن الرئيس الشرع، الذي تسلم السلطة بعد إطاحة الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي، قال من باريس قبل أيام إن بلاده لا ترغب بالتصعيد مع الجيران، مؤكداً وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء دوليين.

صفحة جديدة… بقيود قديمة؟

زيارة برّاك إلى دمشق تتوج سلسلة لقاءات تمهيدية، أبرزها اجتماع في إسطنبول بينه وبين كل من الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني. كما سبقتها زيارة لوفد دبلوماسي أميركي برئاسة باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، بعد أيام من وصول قوات الشرع إلى العاصمة.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه، كان قد أعلن عبر الخارجية الأميركية أن “توم يدرك أن لدى سوريا إمكانات هائلة للتغيير، ولبناء السلام ومكافحة التطرف”.

ويبدو أن اللقاء الذي جمع ترامب والشرع في الرياض يوم 14 مايو، كان لحظة محورية، إذ أعقبه إعلان رفع العقوبات الأميركية، وهو ما فتح الطريق أمام استئناف الاتصالات الرسمية.

من الورود إلى الصواريخ… ذاكرة العلاقة المضطربة

السفير الأميركي السابق روبرت فورد كان آخر من مثل بلاده في دمشق قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011. زيارته الرمزية لمدينة حماة آنذاك، واستقباله بالورود من المتظاهرين، اعتُبرت إشارة واضحة إلى انحياز أميركي للشارع، وأثارت غضب النظام.

لاحقاً، أدرجت دمشق فورد على قائمة “غير المرغوب بهم”، وغادر البلاد لأسباب “أمنية”، في وقت بدأت فيه العلاقات الأميركية السورية بالتدهور بوتيرة سريعة.

واليوم، مع رحيل الأسد، واستلام “الجيل الجديد” للسلطة، تتبدل الحسابات، وتُعاد صياغة الأولويات – وربما التحالفات.

المزيد من المواضيع