دال ميديا: في مشهد لم يتخيله حتى أكثر كتاب السيناريوهات السياسية جرأة، ظهر دونالد ترامب مبتسمًا وهو يصافح “الرئيس السوري أحمد الشرع” في العاصمة السعودية الرياض، قبل انطلاق القمة الخليجية الأميركية.
لقاء بدا وكأنه مقتطع من مسرحية سياسية كتبها التاريخ بقلم مرتبك.
فمن منصة أعمال إلى قمة سياسية، ومن تغريدة إلى إعلان دولي، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رفع جميع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، ممهّدًا الطريق لما وصفه بـ”بداية جديدة” لسوريا، التي ما تزال تترنح تحت ركام أكثر من عقد من الحرب والعزلة.
ترامب، الذي لا يتوقف عن مفاجأة خصومه ومؤيديه على حد سواء، أكد أن اللقاء مع الشرع “يُعتبر نقطة انطلاق نحو تطبيع شامل”، مشددًا خلال كلمته في القمة أن “التطبيع مع سوريا يبدأ من هنا”، قاصدًا صورة المصافحة في الرياض، وكأن التاريخ قرر أن يمنح سوريا فرصة جديدة… ولكن على طريقة ترامب.
الليرة تتنفس… ولكن إلى متى؟
القرار المفاجئ أثار موجة تفاعل سريعة في الأسواق السورية، إذ سجّلت الليرة السورية تحسّنًا فوريًا بنحو 10% أمام الدولار في السوق السوداء، وتم تداولها عند نحو 8300 ليرة للشراء و8700 للبيع، وفقًا لمنصات محلية لمراقبة سوق العملات.
لكن السؤال الكبير الذي يراود السوريين: هل هذا انتعاش حقيقي، أم مجرد انتعاشة ما قبل الحقيقة؟
هل بدأ فك الحصار فعلاً؟
رفع العقوبات يعني عمليًا تحرير الاقتصاد السوري من العزلة المالية التي فرضتها واشنطن لعقد كامل، وهو ما قد يتيح دخول المنظمات الإنسانية والبضائع الأساسية بسهولة أكبر، بل وربما تشجيع دول أوروبية على السير في الركب الأميركي ضمن ما يُعرف بـ”تأثير الدومينو”.
وللمرة الأولى منذ سنوات، يمكن الحديث عن فرص حقيقية لإعادة الإعمار، وفتح الباب مجددًا أمام المستثمرين والشركات في قطاعات الطاقة، الزراعة، السياحة، وحتى الاتصالات، بعدما كانت تلك الأبواب محكمة الإغلاق.
صفقة المعادن… والشرع “المؤقت”
وفق ما نقلته صحيفة التايمز البريطانية، فإن لقاء الشرع – الذي يوصف بـ”الرئيس المؤقت” – جاء بعد وساطة سعودية وعرض سوري بإبرام صفقة معادن تشبه النموذج الأوكراني. فهل نحن أمام ديبلوماسية الموارد؟ أم أن الأمر كله محاولة لشراء بعض الهواء لاقتصاد مختنق؟
المثير أن المصادر نفسها تحدثت عن رغبة سورية بتقديم “تنازلات سياسية” مقابل هذا الانفتاح الدولي، دون توضيح ما إذا كانت هذه التنازلات تتعلق بالإصلاحات الداخلية، أم بتغيير قواعد اللعبة الإقليمية.
ماذا تعني هذه الخطوة للسوريين؟
-
تخفيف الضغط الاقتصادي اليومي عن المواطن السوري، الذي باتت المعيشة تحديًا وجوديًا.
-
إمكانية وصول المساعدات الإنسانية بشكل أوسع وأسرع، بعد أن كانت إجراءات التحويل والتوريد تخضع لتعقيدات هائلة.
-
فتح أبواب التصدير والاستيراد بطرق رسمية، بدلًا من اقتصاد الظل الذي أصبح جزءًا من يوميات السوريين.
-
خلق بيئة أكثر جذبًا للاستثمارات، ولو تدريجيًا، في ظل تحسن نسبي متوقع في المناخ السياسي.
لكن رغم ذلك، لا يزال الطريق محفوفًا بالشكوك، فالقرار الأميركي – وإن كان مفاجئًا – إلا أنه قد لا يكون دائمًا، ويظل مرتبطًا بمدى جدية الخطوات التالية من الطرف السوري.