دال ميديا: في الوقت الذي يُفترض أن تكون فيه مسابقة الأغنية الأوروبية يوروفيجن مهرجانًا موسيقيًا خالصًا بعيدًا عن السياسة، بات واضحًا أن الواقع العالمي قد حشر أنفه في الألحان. فبعد غزو روسيا لأوكرانيا، وهجوم حماس الدامي على إسرائيل في أكتوبر 2023، ارتفع دعم الجمهور بشكل ملحوظ لممثلي أوكرانيا وإسرائيل في المسابقة، ما أعاد فتح سؤال مزمن: هل ما زالت الموسيقى قادرة على البقاء محايدة؟
في نسخة العام الماضي في مالمو أرينا، قوبل أداء المغنية الإسرائيلية إيدن جولان بصافرات استهجان واضحة من الجمهور في القاعة، رغم أنها لم تُسمع في البث الرسمي. المفارقة؟ إسرائيل حصلت على ثاني أعلى نسبة تصويت من الجمهور الأوروبي. وهو ما فسّره الباحث في الإعلام أندرياس أونرفورش بأنه رد فعل معاكس ضد حملات المقاطعة، قائلاً:
“الذين احتجوا على مشاركة إسرائيل ربما عززوا شعبيتها بدلًا من تقويضها.”
إسرائيل تراهن على “الناجون من المجازر”
في هذا العام، اختارت إسرائيل أن تمثلها شخصية مؤثرة رمزيًا: المغني يوفال رافائيل، أحد الناجين من هجوم حماس على مهرجان نوفا. وهو اختيار لا يمكن اعتباره بريئًا أو خاليًا من الرمزية، ما دفع البعض إلى التساؤل عن مدى توافق هذا مع قواعد الاتحاد الأوروبي للبث (EBU)، الذي يُشرف على المسابقة.
أوكرانيا تواصل الصعود… والمغزى واضح
منذ اجتياح روسيا لأراضيها في 2022، تواجدت أوكرانيا ضمن المراتب الثلاث الأولى ثلاث سنوات متتالية، في تصويت يعكس على الأرجح تعاطفًا سياسيًا قبل أن يكون تفاعلًا فنيًا. ومرة أخرى، تصبح المنصة الغنائية ميزان حرارة للوجدان الأوروبي في أوقات الأزمات.
فنانون بين الحياد والتعبير السياسي
وسط هذا التوتر، يحاول بعض الفنانين الدفاع عن فكرة “الموسيقى أولًا”. مثل المغني حسن حيدر من فرقة ماماغاما الأذربيجانية، الذي قال:
“بالنسبة لنا ليست سياسية… جئنا لنشارك ثقافتنا وموسيقانا فقط.”
في المقابل، يرى آخرون أن الحديث عن حياد الموسيقى سذاجة مبالغ فيها.
الفنان التشيكي آدم “أدونكس” بافلوفتشين قالها بصراحة:
“البوب بطبيعته سياسي. إن لم يكن كذلك، فهو إما ممل أو غير صادق.”
وفي المنتصف تقف المغنية لورا ثورن من لوكسمبورغ، التي عبّرت عن رغبتها في أن تبقى المسابقة ممتعة وخالية من التوتر، رغم إدراكها بواقعية أن السياسة تتسلل إليها شئنا أم أبينا.
يبدو أن “يوروفيجن” لم تعد فقط منصة أغانٍ براقة وأزياء غريبة، بل مرآة لسياسات عالمية متشابكة، ومؤشر مزاج شعبي أوروبي لا يمكن تجاهله.
المصدر: TV4