كوفيد-19 بعد خمس سنوات.. هل تعلمنا الدرس أم سنواجه الجائحة القادمة بنفس الأخطاء؟

بعد مرور خمسة أعوام على انتشار فيروس كورونا. الصورة: samtrans

دال ميديا: قبل خمس سنوات، في 31 يناير 2020، تم تأكيد أول إصابة بفيروس كوفيد-19 في السويد، لحظة كانت تبدو حينها بعيدة عن التحول إلى أكبر أزمة صحية في العصر الحديث. اليوم، وبعد أكثر من 21 ألف حالة وفاة في السويد وحدها، وسبعة ملايين وفاة عالميًا، لا تزال آثار الجائحة ماثلة في الذاكرة، خاصة عند العاملين في القطاع الصحي الذين واجهوا لحظات من الإرهاق واليأس والتحديات غير المسبوقة.

“كنا نواجه مرضًا لا نعرفه”.. كابوس غرف العناية المركزة

لدى لارس روكسين، طبيب العناية المركزة ونائب رئيس نقابة الأطباء، ذكريات لا تُمحى عن تلك الأيام الأولى للجائحة، حيث كان يرى المرضى يصلون إلى المستشفى بوجوه زرقاء، غير قادرين على التنفس.

“كنا نحاول مدّهم بالأكسجين، لكنه لم يكن كافيًا. هذا المرض لم يكن يشبه أي شيء واجهناه من قبل”، يقول روكسين، متذكرًا كيف كان الطاقم الطبي يحاول استيعاب الفيروس الغامض وسط نقص في أدوات الفحص والمعرفة الطبية.

مع تصاعد أعداد الإصابات، تمت إعادة هيكلة المستشفيات بالكامل في غضون ساعات، حيث جلبت الحفارات لتمهيد الأرض أمام مستشفى Örnsköldsvik لإنشاء أقسام ميدانية طارئة، وانقسمت غرف الطوارئ إلى مناطق خاصة بمصابي كوفيد-19 وأخرى للمرضى العاديين.

“لم نتوقف عن العناية بالمرضى رغم الإرهاق”.. معركة الممرضين في الخطوط الأمامية

كان ستيفان أولسون-لاسو، ممرض في مستشفى Sunderby، يعمل مع مرضى القلب في فبراير 2020، لكن مع تصاعد الأزمة، تطوع للعمل في العناية المركزة بمستشفى بيتيو رغم أنه لم يعمل في هذا القسم منذ 18 عامًا.

“كنا نعمل بنوبات مرهقة لمدة 12 ساعة، وسط مرضى يعانون من صعوبة شديدة في التنفس”، يقول ستيفان، مضيفًا أنه رغم الظروف القاسية، لم يتوقف الطاقم عن الاهتمام بالتفاصيل الإنسانية، مثل حلاقة لحى المرضى وتمشيط شعرهم، للحفاظ على كرامتهم.

“أقسى لحظات الجائحة.. منع العائلات من وداع أحبائهم”

لم يكن الإرهاق الجسدي هو الأصعب فقط، بل كان منع العائلات من رؤية أحبائهم المحتضرين أحد أشد الأعباء النفسية على الطاقم الطبي.

يقول مارتن جارلاند، كبير الأطباء في مستشفى سانكت غوران في ستوكهولم:
“نحن معتادون على التعامل مع المرضى في حالات حرجة، لكننا لم نكن معتادين على حرمان عائلاتهم من وداعهم الأخير. كان ذلك من أصعب اللحظات في حياتي المهنية.”

“اللقاحات أنقذتنا”.. نقطة التحول الحاسمة في الأزمة

بعد شهور من الفوضى والخوف، جاءت أول شحنة من اللقاحات في ديسمبر 2020، لتُحدث تحولًا جذريًا في مسار الأزمة.

يقول لارس روكسين:
“عندما بدأنا بتلقيح الفئات الأكثر عرضة للخطر، شعرنا لأول مرة أن هناك ضوءًا في نهاية النفق. كانت لحظة ارتياح لا توصف.”

واليوم، في 2025، وصلت نسبة السكان السويديين الذين تلقوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاح إلى 73%، ما أدى إلى انخفاض كبير في أعداد الوفيات والإصابات الخطيرة.

الجائحة بالأرقام: خسائر بشرية هائلة وتأثير عالمي

– 31 يناير 2020: تسجيل أول حالة إصابة بكوفيد-19 في السويد.
– مارس 2020: منظمة الصحة العالمية تعلن كوفيد-19 جائحة عالمية.
– ديسمبر 2020: الموافقة على أول لقاح ضد كوفيد-19 وبدء حملات التطعيم في السويد.
– مايو 2023: منظمة الصحة العالمية تعلن أن كوفيد-19 لم يعد يمثل تهديدًا عالميًا للصحة العامة.

– 21,000+ حالة وفاة في السويد بسبب كوفيد-19.
– 7 ملايين وفاة على مستوى العالم.

كيف غيّرت الجائحة العالم؟

بالنسبة للعاملين في قطاع الرعاية الصحية، لا يزال كوفيد-19 أكثر من مجرد ذكرى. فقد غيّرت الجائحة طرق العمل، وأظهرت نقاط الضعف في أنظمة الصحة العامة، وأكدت الحاجة إلى استثمارات أقوى في الاستعداد للأوبئة.

يقول مارتن جارلاند:
“لن أكون الشخص نفسه بعد هذه التجربة. لقد أعطتنا الجائحة دروسًا قاسية، لكنني لا أود أن أعيشها مرة أخرى.”

وبينما تعود الحياة إلى طبيعتها، يبقى السؤال: هل تعلّم العالم الدرس حقًا؟ وهل نحن مستعدون بشكل أفضل لمواجهة الجائحة القادمة؟

المصدر: omni

المزيد من المواضيع