دال ميديا: منذ اجتياح روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، ولاحقًا الهجوم الشامل على أوكرانيا عام 2022، يشهد الناتو تحولًا جذريًا لم يشهده منذ الحرب الباردة.
القواعد العسكرية في شرق أوروبا تنمو بسرعة، وبعضها بات يشبه مدنًا مصغّرة محصنة.
أظهرت صور أقمار صناعية حلّلها التلفزيون السويدي SVT، أن ما كان يُعرف سابقًا بمواقع دفاعية محدودة، أصبح اليوم منظومة متكاملة من الثكنات والمخازن والتمركز العسكري الدائم — وكأن أوروبا تعيد رسم خارطة الحرب، لكن هذه المرة بخطوط واضحة على حدود روسيا.
من مناورة إلى تمركز دائم
عام 2014، دفع ضمّ روسيا للقرم الناتو إلى اتخاذ قرار بتمركز وحدات متعددة الجنسيات في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا.
لكن بعد غزو أوكرانيا في 2022، تغيّر كل شيء: لم يعد الحديث يدور عن ردع فقط، بل عن وجود دائم ومتوسع على الأرض.
“روسيا باتت تُصنّف التهديد الأكثر خطورة ومباشرة على أمن الحلف”، بحسب توصيف الناتو بعد الهجوم الشامل.

ثماني قواعد على خط النار… وأربع دول جديدة في الحسابات
اتخذ الناتو قراره بمضاعفة انتشاره البري عبر إنشاء أربع مجموعات قتال جديدة في بلغاريا والمجر ورومانيا وسلوفاكيا. وبهذا أصبح الناتو يمتد بخط دفاعي شبه متصل من بحر البلطيق شمالًا حتى البحر الأسود جنوبًا.
التحليل الذي أجرته قناة SVT باستخدام بيانات مفتوحة وصور من Google Earth Pro وPlanet Labs، أكد أن ستًا من أصل ثماني قواعد تم توسيعها منذ 2022، مع إنشاء مستودعات ذخيرة، حظائر طائرات، وثكنات جديدة.
السويد تدخل على الخط: أول مهمة للناتو… في لاتفيا
من بين هذه المواقع، كانت قاعدة Ādaži في لاتفيا من أوائل المواقع التي شهدت توسعًا فعليًا، حيث تم رفع عدد القوات من كتيبة (1000 جندي) إلى لواء قتالي يتجاوز 5000 جندي.
وكانت أيضًا نقطة البداية لتواجد جنود سويديين ضمن بعثة الناتو — وهو تحول رمزي كبير بعد انضمام السويد رسميًا إلى الحلف.
الناتو الجديد: الحرب ليست فقط بالدبابات
بين الهجمات السيبرانية على موانئ بحر البلطيق، وعمليات التخريب في الكابلات البحرية، و”الأسطول الروسي الظلّي”، بات من الواضح أن المعركة القادمة لن تُخاض فقط بالسلاح التقليدي.
ولذلك، أعلن الحلف عن أول خطة لتحديث بنيته التحتية الرقمية، وأطلق استراتيجية جديدة لمواجهة التهديدات الهجينة — تلك التي تأتي على هيئة شائعات، تخريب، أو حتى اختراقات رقمية صامتة.