دال ميديا: مع استبعاد الدول الأوروبية من المفاوضات الأمريكية-الروسية بشأن أوكرانيا، تتسارع الخطى لعقد اجتماع أزمة في باريس يجمع عددًا من القادة الأوروبيين، في محاولة لتوحيد الموقف الأوروبي في مواجهة التغيرات الجيوسياسية المتسارعة.
يأتي الاجتماع بعد أن قررت الولايات المتحدة المضي قدمًا في محادثات مع روسيا دون إشراك أوروبا أو أوكرانيا، وهو ما اعتبره العديد من المحللين هدية مجانية لموسكو، حيث يمنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرصة لإملاء شروطه دون ضغط أوروبي موحد.
“الطريقة الوحيدة التي يمكن لأوروبا النجاة بها في هذه الظروف هي التكاتف والعمل معًا”، تقول غونيلا هيرولف، الباحثة البارزة في المعهد السويدي للسياسة الخارجية.
قلق أوروبي من التفرد الأمريكي في المفاوضات
وصفت هيرولف خلال حديثها مع قناة tv4، فكرة اجتماع دونالد ترامب مع بوتين دون وجود ممثلين أوروبيين بأنها “حلم يتحقق” للكرملين، مشيرة إلى أن هذا السيناريو يجعل من الصعب تصور أي موقف تفاوضي قوي للغرب ضد روسيا.
“من الصعب أن نصدق أن إدارة ترامب ستتبنى موقفًا صارمًا تجاه بوتين بعد هذا الإقصاء الأولي لأوروبا. هذه بداية خطيرة للغاية للقارة الأوروبية”، تضيف هيرولف.
الناتو لا يزال ضرورة.. وألمانيا تحذر من قرارات متسرعة
رغم القلق المتزايد من ضعف الالتزام الأمريكي بمصالح أوروبا الأمنية، تؤكد هيرولف أن عضوية السويد في الناتو لا تزال الخيار الأمثل، حيث لا يمكن للسويد أن تواجه روسيا منفردة.
“لا يوجد أي تفسير آخر.. أن نكون بمفردنا في مواجهة روسيا هو السيناريو الأسوأ على الإطلاق”، تؤكد الباحثة السويدية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم المادة الخامسة التي تضمن الدفاع الجماعي بين أعضاء الحلف.
من جانبه، عبّر المستشار الألماني أولاف شولتز خلال القمة عن انزعاجه من مناقشة إرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا في هذا التوقيت، معتبرًا أن الوقت غير مناسب لطرح مثل هذه الأفكار طالما أن القتال لا يزال مستمرًا.
“إنه حديث مبكر جدًا وغير ملائم في ظل الحرب الدائرة. يجب أن تظل أمريكا وأوروبا متحدتين في نهجها الأمني، فالناتو بني على مبدأ العمل الجماعي وتقاسم المخاطر، ولا يجب أن نشكك في ذلك الآن”، يوضح شولتز خلال الاجتماع الطارئ في باريس.
تحركات أوروبية لتوحيد الصفوف رغم الانقسامات
تعكس هذه التطورات انقسامًا أوروبيًا متزايدًا حول كيفية التعامل مع الأزمة الأوكرانية، حيث تعارض دول مثل المجر وسلوفاكيا بعض التحركات الأوروبية الرامية إلى زيادة الدعم لكييف. ومع ذلك، تعتقد هيرولف أن توحيد الصف بين أكبر وأقوى الدول الأوروبية سيظل استراتيجية فعالة، حتى لو لم تتفق جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على كل القرارات.
“إذا تمكنت الدول الكبرى من تقديم موقف موحد وقوي، فسيكون لذلك تأثير كبير. ليس من الضروري أن يكون الجميع على نفس الخط دائمًا، لكن يجب أن تكون هناك كتلة أوروبية ذات وزن سياسي واضح”، تضيف هيرولف.
مستقبل الدور الأوروبي في المفاوضات
مع استمرار التحركات الأمريكية والروسية دون إشراك القادة الأوروبيين، تطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت أوروبا ستتمكن من فرض صوتها على طاولة المفاوضات، أم أن القارة العجوز ستجد نفسها مضطرة إلى التعامل مع واقع سياسي ترسمه موسكو وواشنطن دون استشارتها.
القمة الطارئة في باريس قد تكون الخطوة الأولى نحو إعادة ضبط الموقف الأوروبي، لكن يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه الاجتماعات إلى نفوذ فعلي قادر على التأثير في مجريات الأمور، بدلاً من أن تظل مجرد ردود أفعال على قرارات تُتخذ في واشنطن وموسكو.
المصدر: tv4