دال ميديا: في تصريحات غير مسبوقة، أعربت وزيرة المالية السويدية، إليزابيث سفانتيسون، عن عدم يقينها بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بالمادة الخامسة لحلف الناتو، والتي تنص على مبدأ الدفاع المشترك بين الدول الأعضاء في حال تعرض إحداها لهجوم. هذه التصريحات جاءت بعد أسبوع حافل بالتطورات السياسية في الولايات المتحدة، حيث أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدد من التصريحات المثيرة للجدل التي أثارت شكوكًا حول موقف واشنطن تجاه حلفائها.
تصريحات ترامب تثير زلزالًا دبلوماسيًا
منذ تأسيس حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عام 1949، كانت المادة الخامسة تُعتبر الركيزة الأساسية للحلف، حيث يلتزم جميع الأعضاء بالدفاع عن أي دولة عضو تتعرض لهجوم خارجي. غير أن مواقف ترامب الأخيرة ألقت بظلال من الشك حول مدى استعداد الولايات المتحدة للوفاء بهذا الالتزام.
“في الوقت الحالي، لا يمكننا التأكد من أي شيء. هناك حالة من عدم اليقين العميق بشأن موقف الإدارة الأمريكية، وعلينا أن ننتظر لنرى ما سيحدث في الأيام والأسابيع المقبلة. لكن الوضع، بلا شك، مقلق للغاية”، صرّحت سفانتيسون خلال مقابلة صحفية.
تصريحاتها تعكس تنامي المخاوف في الأوساط السياسية الأوروبية، خاصة بعد أن ألقى ترامب باللوم على أوكرانيا في غزو روسيا لأراضيها، في تصريح أثار انتقادات دولية واسعة.
القلق الأوروبي يتزايد.. ونبرة حذرة من بعض السياسيين
بينما تبنت سفانتيسون نبرة صريحة تعكس قلقًا متزايدًا داخل الحكومة السويدية، فضّلت شخصيات سياسية أخرى تبني موقف أكثر تحفظًا.
ماغدالينا أندرشون، زعيمة الاشتراكيين الديمقراطيين ورئيسة الوزراء السابقة، علّقت قائلة:
“لم نتلقَ أي مؤشرات رسمية من الولايات المتحدة تشير إلى أن المادة الخامسة لم تعد سارية. حتى الآن، نفترض أن التزام أمريكا تجاه الناتو لا يزال قائمًا.”
غير أن سفانتيسون لم تتراجع عن موقفها، مشددة على أن المتغيرات السياسية المتلاحقة في واشنطن تجعل من الصعب الجزم بأي شيء:
“لا أعتقد أن أحدًا يستطيع إعطاء إجابة حاسمة الآن. لا أحد يعرف ما الذي ستفعله الإدارة الأمريكية في الفترة القادمة. نأمل بالطبع أن يستمر التزامهم بالحلف، لكن التطورات الأخيرة تدفعنا جميعًا إلى القلق.”
الناتو في مأزق.. هل يتجه الأوروبيون نحو تعزيز دفاعاتهم الذاتية؟
تصاعدت الشكوك الأوروبية حول مستقبل العلاقات الدفاعية عبر الأطلسي مع استمرار ترامب في إرسال رسائل غامضة بشأن موقفه من الحلف. ومع تزايد حالة عدم اليقين، بدأ العديد من قادة الاتحاد الأوروبي التفكير في تعزيز القدرات الدفاعية الذاتية وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.
في الأسابيع الأخيرة، تزايدت الدعوات داخل أروقة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بضرورة تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية كخطة احترازية تحسبًا لأي تغييرات في موقف واشنطن.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يمكن أن تؤدي تصريحات ترامب المتقلبة إلى إجبار أوروبا على اتخاذ خطوات جريئة نحو تحقيق استقلالية دفاعية أكبر؟ أم أن الحلفاء سيتمكنون من إعادة بناء الثقة قبل أن تتفاقم الأزمة؟
في ظل الغموض الحالي، يبقى مستقبل التعاون الأمني بين أوروبا والولايات المتحدة أحد أكبر الأسئلة التي تترقب الأوساط السياسية والعسكرية إجابات واضحة عنها.
المصدر: tv4