دال ميديا: شهدت الحريات على مستوى العالم تراجعًا مستمرًا خلال العام الماضي، حيث عززت الأنظمة الاستبدادية قبضتها في العديد من الدول، وفقًا لتقرير مؤسسة “فريدوم هاوس” السنوي الصادر اليوم الأربعاء. ومع ذلك، رصد التقرير بعض التحسينات المحدودة، لا سيما في جنوب آسيا والشرق الأوسط، حيث أُجريت انتخابات أكثر تنافسية في بعض الدول، بينما شهدت دول أخرى انخفاضًا حادًا في تصنيفها على مؤشر الحريات.

جنوب آسيا: تحسن ديمقراطي دون تغيير في التصنيف

رغم استمرار التصنيفات السابقة، شهدت دول مثل بنغلادش وسريلانكا تحسنًا في المؤشرات الديمقراطية. في بنغلادش، أجبرت الاحتجاجات الطلابية حكومة الشيخة حسينة على اتخاذ بعض الإصلاحات، بينما في سريلانكا، شكل انتخاب أنورا كومارا ديساناياكي رئيسًا للدولة خطوة غير مسبوقة كسرت احتكار الحزبين التقليديين للسلطة.

أما كشمير الهندية، فقد سجلت تحسنًا بعد تنظيم أول انتخابات منذ إلغاء وضعها الخاص عام 2019، إلا أن الهند ككل شهدت تراجعًا في الحريات السياسية، مما دفع فريدوم هاوس إلى تصنيفها “حرة جزئيًا” منذ عام 2021، وسط اتهامات لرئيس الوزراء ناريندرا مودي بمحاولة السيطرة على القضاء وتقويض استقلالية المؤسسات الديمقراطية.

الشرق الأوسط: إصلاحات محدودة في الأردن وسوريا مقابل تراجع في تونس والكويت

في الشرق الأوسط، ارتفع تصنيف الأردن من “غير حر” إلى “حر جزئيًا” بفضل إصلاحات سمحت بإجراء انتخابات أكثر تنافسية. أما سوريا، فبعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر 2024، شهدت تحسينات أولية في الحريات المدنية، لكن التقرير أشار إلى أن إعادة بناء المؤسسات السياسية ستكون تحديًا صعبًا.

في المقابل، شهدت الكويت تراجعًا ملحوظًا بعد أن حلّ الأمير البرلمان عقب الانتخابات، مما أدى إلى خفض تصنيفها إلى “غير حرة”. أما تونس، التي كانت تُعتبر رمزًا للديمقراطية الناشئة في العالم العربي، فقد واصلت مسارها التراجعي تحت حكم قيس سعيد، وسط انتهاكات متزايدة للحريات السياسية والصحفية.

دول فقدت تصنيفها كديمقراطيات

إلى جانب الكويت، شمل التراجع أيضًا النيجر، تنزانيا، وتايلاند، حيث فرضت السلطات الحاكمة قيودًا صارمة على الحريات السياسية. في النيجر، أحكم الجيش سيطرته بالكامل بعد انقلاب 2023 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم. أما تايلاند، فقد شهدت حلَّ الحزب الفائز بالانتخابات وإقالة رئيس الوزراء بعد شكوى أخلاقية قدمها أعضاء مجلس الشيوخ المدعومين من الجيش.

الدول الأكثر حرية: فنلندا تتصدر المشهد

على النقيض من التوجه العام نحو التراجع الديمقراطي، لا تزال فنلندا تتصدر قائمة الدول الأكثر حرية بحصولها على العلامة الكاملة (100 نقطة)، تليها نيوزيلندا، النرويج، والسويد بدرجة 99 نقطة، مما يعكس قوة المؤسسات الديمقراطية واحترام الحريات المدنية في هذه الدول.

استنتاجات التقرير: اتجاهات مقلقة ومستقبل غير مؤكد

بحسب التقرير، فإن عام 2024 كان عامًا متقلبًا، حيث شهد العالم انتخابات حاسمة في العديد من الدول، لكن في معظم الحالات، لم تؤدِ إلى تعزيز الحريات. ووفقًا لـ يانا غوروخوفسكايا، المشاركة في إعداد التقرير، فإن هذا العام هو التاسع عشر على التوالي الذي تسجل فيه الحريات العالمية تراجعًا. وأكدت أن “إعادة بناء المؤسسات الديمقراطية بعد تدميرها أمر بالغ الصعوبة”، مما يعني أن بعض الدول قد تحتاج إلى سنوات طويلة لاستعادة ما فقدته.