دال ميديا: اغتيالات بدم بارد، قتل لأطفال وهم مقيّدون، وجثث مزروعة بالأسلحة لإخفاء الحقيقة — هذا ما بدأ يتكشف اليوم عن الوجه الآخر لأعمال قوات النخبة البريطانية خلال العقدين الأخيرين في العراق وأفغانستان. شهادات مروعة أدلى بها أكثر من 30 جنديًا سابقًا، تهز صورة القوات الخاصة وتضع رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون في قلب عاصفة سياسية وأخلاقية.
من أفواه الجنود: رصاصات ليلية ودماء بريئة
في تحقيق استقصائي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC، كشف جنود سابقون في وحدة القوات الجوية الخاصة (SAS) عن ممارسات وصفت بـ”الروتينية”، كانت تتمثل في اغتيال أسرى مقيّدين، بينهم أطفال، بدلاً من اعتقالهم.
“وضعوا الأصفاد على طفل صغير، ثم أطلقوا عليه النار”، يقول أحد الشهود الذين خدموا في أفغانستان، مؤكدًا أن “الطفل لم يكن بأي حال من الأحوال مشاركًا في القتال”.
ووصف أحدهم سلوك الجنود بأنه “استعراض ميداني للوحشية”، حيث كانت الإجراءات تبدأ بالتفتيش، ثم تقييد الأيادي، فالقتل، قبل إزالة الأصفاد وزرع أسلحة بجوار الجثث لإضفاء شرعية مزيفة على ما جرى.
نمط متكرر… وليس حادثًا معزولًا
الجرائم التي وردت في الشهادات تمتد لفترة تفوق عقدًا من الزمن، وهي أوسع بكثير من نطاق التحقيق القضائي البريطاني الحالي الذي يركّز على ثلاث سنوات فقط. من بين الفظائع التي رُصدت:
-
قتل مدنيين أثناء نومهم
-
إعدام أسرى بدم بارد
-
زرع أدلة وهمية لإخفاء الجرائم
-
انعدام المحاسبة داخل التسلسل القيادي
وأفاد بعض الشهود بأن جنودًا من وحدات النخبة البحرية Special Boat Service أيضًا شاركوا في أعمال “سادية” وانخرطوا في سلوك يوصف بأنه يعكس “اضطرابات نفسية وسلوكًا متحررًا من أي ضوابط”.
هل كان كاميرون على علم؟
ربما يكون أكثر ما أثار الجدل في التحقيق هو الإشارة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون كان على علم بالجرائم.
وبحسب شهادات من مسؤولين حضروا لقاءات رسمية بين كاميرون والرئيس الأفغاني آنذاك حامد كرزاي، تم إبلاغه بتقارير موثقة حول هذه الانتهاكات.
“من المستحيل ألا يكون كاميرون قد علم بمقتل مدنيين وأطفال”، يقول رنگين دادفر سپانتا، المستشار الأمني السابق لحكومة كرزاي.
ردّ مكتب كاميرون لم يتأخر، حيث وصف هذه الاتهامات بأنها “هراء”، مؤكدًا أنه لا يمكنه التعليق على عمليات سرية، ومشيرًا إلى أنه يجب انتظار نتائج التحقيق الرسمي الجاري.
بين الظلال والمسؤولية
بينما تلتزم وزارة الدفاع البريطانية الصمت بخصوص الاتهامات الجديدة، وتكتفي بالقول إنها “ملتزمة تمامًا بدعم التحقيقات”، يتسع نطاق الأسئلة حول ثقافة الإفلات من العقاب، والدور الحقيقي للقيادات السياسية والعسكرية في حماية من ارتكبوا هذه الجرائم.