دال ميديا: في السويد، يمكن للبرلمان أن يُقِر قانونًا بمليارات الكرونات دون أن يحدد كم بالضبط ستكلّف الفاتورة. وهذا بالضبط ما حدث حين صوّتت الأغلبية في البرلمان لصالح قانون جديد يمهّد لتمويل بناء مفاعلات نووية جديدة، دون تحديد السعر النهائي… أو حتى المتوسط التقريبي.
بـ154 صوتًا مقابل 151، مرّ القانون في جلسة مشحونة. وكان أبرز ما احتواه هو منح الدولة دورًا في توزيع المخاطر المالية مع شركات الطاقة النووية، من خلال تقديم قروض ميسّرة – وهي طريقة أنيقة لقول: “لن يُبنى أي مفاعل ما لم تدفع الحكومة جزءًا كبيرًا من التكلفة”.
لكن في المقابل، لم يجرؤ أحد – حتى الآن – على قول الرقم النهائي. “إنه كشراء خنزير في كيس”، قال النائب الاشتراكي فريدريك أولوفشون، في توصيف شعبي لشراء شيء دون معرفة ما بداخله.
وزير الأسواق المالية نيكلاس فيكمان من حزب المحافظين (M) دافع عن المشروع، مؤكدًا أن القروض سيتم سدادها، ما يعني – نظريًا – أن الدولة لن تخسر شيئًا. لكن نظريًا فقط. فالتجارب التاريخية مع مشاريع الطاقة النووية – من فنلندا إلى فرنسا – تقول شيئًا آخر: كل مشروع نووي يبدأ بميزانية، وينتهي بكارثة حسابية.
التقديرات المبدئية تشير إلى أن بناء أربعة مفاعلات قد يكلّف حوالي 400 مليار كرونة، من ضمنها 300 مليار على شكل قروض من الدولة. لكن – وكأن المشرّعين يعرفون مصير الميزانيات – وضعت اللجنة سقفًا نظريًا قد يصل إلى 600 مليار كرونة. ومع ذلك… القانون نفسه لا يضع أي سقف!
والأكثر إثارة للقلق؟ جزء من التمويل سيأتي من ضريبة مقترحة على جميع مستهلكي الكهرباء، أي أن كل منزل يشعل مصباحًا، قد يكون يساهم – دون أن يعلم – في بناء مفاعل نووي لم ير النور بعد.
الحكومة تأمل أن يكون أول مفاعل جاهز بحلول عام 2035. لكن منتقدين يرون أن هذا الرهان طويل الأمد قد يكلّفنا طاقة نحن بحاجة إليها الآن. “إذا لم نستثمر في الرياح والشمس اليوم، فلن يكون هناك شركات لتستفيد من الكهرباء النووية غدًا”، يقول ريكارد نوردين من حزب الوسط.
وهكذا، وسط جدل لا ينتهي بين الحاضر والمستقبل، يبدو أن السويد تضع رهاناتها في مكان بعيد… بعيد جدًا… اسمه النووي. والعداد؟ لا أحد يعرف على ماذا سيتوقف.
المصدر: SVT