دال ميديا: في أجواء مشحونة بالتحديات والتطلعات، اختُتم في دمشق مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي جمع مئات الشخصيات من مختلف الأطياف، ليخرج ببيان ختامي حاسم يضع ملامح المرحلة الانتقالية في سوريا، وسط جدل داخلي ومواقف إقليمية متباينة.
حصر السلاح وبناء جيش وطني
أبرز ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر هو التأكيد على حصر السلاح بيد الدولة، واعتبار أي تشكيلات عسكرية خارج المؤسسات الرسمية “جماعات خارجة عن القانون”، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وبعض الفصائل التي لا تزال تحتفظ بسلاحها منذ سقوط النظام السابق. كما شدد البيان على ضرورة بناء جيش وطني احترافي يكون مسؤولًا عن حماية سيادة البلاد ووحدة أراضيها.
إدانة التوغل الإسرائيلي ورفض تصريحات نتنياهو
لم يكن الشأن الداخلي هو الوحيد الذي هيمن على البيان، إذ وجّه المجتمعون إدانة شديدة لما وصفوه بـ “الانتهاك الإسرائيلي للأراضي السورية”، مطالبين بالانسحاب الفوري وغير المشروط من كافة الأراضي السورية المحتلة. كما رفضوا التصريحات الأخيرة لبنيامين نتنياهو، الذي أكد فيها أن إسرائيل لن تسمح بانتشار قوات الإدارة السورية الجديدة جنوب دمشق.
خارطة طريق نحو سوريا جديدة
البيان، الذي تضمن 18 بندًا، شدد على عدة نقاط محورية، أبرزها:
✅ إعلان دستوري مؤقت يتناسب مع متطلبات المرحلة الانتقالية ويسد الفراغ الدستوري.
✅ تشكيل مجلس تشريعي مؤقت يكون مسؤولًا عن التشريعات خلال الفترة الانتقالية.
✅ تشكيل لجنة دستورية تعمل على صياغة دستور دائم يضمن وحدة وسيادة سوريا.
✅ ترسيخ مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان، وتحقيق العدالة الانتقالية بمحاسبة المتورطين في الجرائم والانتهاكات.
✅ إصلاح المنظومة القضائية وإطلاق عملية تنمية اقتصادية شاملة، تشمل رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
✅ إصلاح المؤسسات العامة وتطوير النظام التعليمي ودعم ثقافة الحوار.
الإدارة الذاتية الكردية ترفض المشاركة
على الجانب الآخر، رفضت الإدارة الذاتية الكردية مخرجات المؤتمر، مؤكدة أنها “لن تكون جزءًا من تطبيق قراراته”، مشيرة إلى أنه “لا يمثل الشعب السوري بأكمله”، خاصة بعد استثنائها من الحضور. وقالت في بيان رسمي:
“نحن كجزء من سوريا، لم يتم تمثيلنا، لذا نتحفظ على هذا المؤتمر شكلًا ومضمونًا، ولن نكون جزءًا من تنفيذ مخرجاته.”
تداعيات وأفق المستقبل
مع انتهاء المؤتمر، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى قدرة هذه القرارات على إحداث تغيير فعلي على الأرض، خاصة في ظل الانقسامات السياسية والتحديات الأمنية التي تواجه سوريا. وبينما يراها البعض خطوة أولى نحو إعادة بناء الدولة، يراها آخرون مجرد بيانات شكلية لا تعكس الواقع المعقد.
يبقى مستقبل سوريا مرهونًا بمدى قدرة القوى المختلفة على إيجاد أرضية مشتركة، فهل سيكون هذا المؤتمر نقطة انطلاق نحو الاستقرار، أم مجرد حلقة جديدة في مسلسل الأزمات؟