بين السلام والمصالح الخفية.. ماذا يجري خلف أبواب مفاوضات الرياض حول أوكرانيا؟

وزيري الخارجية الروسي والأمريكي في الرياض. Copyright AP Photo

دال ميديا: وسط توترات متصاعدة واستبعاد أوكرانيا من المفاوضات، ينطلق اليوم الثلاثاء الاجتماع الأول بين الولايات المتحدة وروسيا في العاصمة السعودية الرياض، بهدف وضع أسس اتفاق محتمل بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، وهو الاجتماع الذي أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الدبلوماسية والسياسية بسبب تجاهل أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين من المحادثات.

الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تعهدت بالتوصل إلى “اتفاق سلام سريع”، لكن كييف وحلفاءها الأوروبيون يخشون أن يكون الهدف الحقيقي هو فرض واقع جديد يجمّد الصراع دون إنهائه فعليًا.

هل الاتفاق جاهز بالفعل؟

يرى ماغنوس كريستيانسون، الخبير في العلوم العسكرية، أن هناك احتمالين رئيسيين لهذه المفاوضات: إما أن تكون الولايات المتحدة لا تزال غير منسقة داخليًا، مما قد يمنح أوروبا فرصة للتأثير، أو أن اتفاقًا سريًا قد تم بالفعل بين ترامب وبوتين عبر مكالمة هاتفية سابقة، وبالتالي فإن اجتماع الرياض قد يكون مجرد خطوة نهائية قبل الإعلان الرسمي عن الاتفاق.

🗣 “إذا كان هناك اتفاق سري مسبقًا، فإن الاجتماع لن يكون إلا لترتيب التفاصيل النهائية قبل تقديمه كأمر واقع للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الخميس”، يقول كريستيانسون محذرًا من أن أوروبا قد تجد نفسها مجبرة على القبول بتسوية لا تلبي مصالحها الأمنية.

أوكرانيا ترفض أي اتفاق دون مشاركتها

كييف رفضت تمامًا أي اتفاق يتم التفاوض عليه دون وجودها على الطاولة، مؤكدة أنها لن تقبل بأي خطة لم تشارك في صياغتها. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبّر عن مخاوفه من أن تكون واشنطن على استعداد لتقديم تنازلات لصالح بوتين مقابل مصالح اقتصادية، مثل الحصول على معادن نادرة من أوكرانيا.

🔹 “إنهم يسعون إلى اتفاق سريع بأي ثمن، لكن إذا كان الهدف مجرد “وقف إطلاق نار” وليس سلامًا حقيقيًا، فإن ذلك ليس انتصارًا”، قال زيلينسكي في مقابلة مع التلفزيون الألماني ARD، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى صراع مجمد يشبه ما حدث في مناطق أخرى من العالم.

“الكبار فقط” على الطاولة.. أوروبا وأوكرانيا خارج الحسابات

يمثل الولايات المتحدة في هذه المفاوضات وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، إضافة إلى ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، والذي بدأ يلعب دورًا متزايدًا في ملف الحرب الأوكرانية.

من الجانب الروسي، يقود الوفد وزير الخارجية سيرغي لافروف، ومستشار السياسة الخارجية للكرملين يوري أوشاكوف، مما يدل على أن موسكو تعتبر هذا الاجتماع “قمة من العيار الثقيل”، وفقًا لما يراه المحلل السياسي يان هالنبرغ.

🔹 “ما يحدث هو محاولة أمريكية روسية لإعادة رسم خريطة النفوذ في أوكرانيا، والرسالة واضحة: أوروبا وأوكرانيا مجرد أطراف هامشية في هذا المشهد”، يقول هالنبرغ، مشيرًا إلى أن موسكو وواشنطن تتعاملان مع هذا النزاع على أنه مسألة بين “الكبار” فقط.

المخاوف الأوروبية تتزايد.. ولا خطة بديلة

تعكس المفاوضات مدى اتساع الفجوة بين أوروبا والولايات المتحدة فيما يخص الرؤية المستقبلية للصراع الأوكراني. أوروبا التي لطالما اعتمدت على الغطاء الأمني الأمريكي من خلال الناتو، تجد نفسها اليوم أمام حقيقة صعبة: لا توجد خطة بديلة في حال قررت واشنطن تقليل التزاماتها تجاه القارة.

🔹 “الناتو مبني بالكامل على الحضور العسكري الأمريكي، وأوروبا لا تملك بديلًا جاهزًا يضمن أمنها دون واشنطن”، يحذر كريستيانسون، موضحًا أن ترامب يستخدم هذا النفوذ كأداة ضغط لإجبار الحلفاء الأوروبيين على القبول بالشروط الأمريكية.

هل نحن أمام سلام هش أم نزاع مجمد؟

مع بدء المفاوضات في الرياض، يبقى السؤال الأهم: هل سيتم فرض اتفاق يُنهي الحرب فعليًا، أم أننا أمام سيناريو شبيه بما حدث في مناطق نزاع أخرى، حيث يتم تجميد الصراع دون حل جذري؟ وكيف سترد أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون إذا وجدوا أنفسهم أمام اتفاق مفروض دون مشاركتهم؟

في انتظار نتائج المفاوضات، يترقب العالم ما إذا كانت هذه الخطوة ستقود إلى سلام حقيقي أم أنها مجرد إعادة تموضع للقوى الكبرى على حساب أوكرانيا وأوروبا.

المصدر: tv4

المزيد من المواضيع