دال ميديا: في السويد، حيث يُفترض أن يكون التعليم حقًا وفرصة، تحوّل “الاختيار المدرسي” في بعض الأحياء إلى قرار يُتخذ خارج أسوار العائلات والمدارس – وبأوامر من زعماء العصابات.
برنامج أوبدراغ غرانسكنينغ، “Uppdrag granskning” الذي يُبث على قناة التلفزيون السويدي SVT، كشف عن واقع صادم: عصابات إجرامية تنسق توزيع طلابها بين المدارس للحفاظ على النفوذ والسيطرة. لا يدور الحديث عن أولياء أمور يختارون الأفضل لأبنائهم، بل عن “كبار في الشبكات الإجرامية” يحددون لمن سينتقل إلى أي مدرسة – لضمان استمرار “الإمبراطورية” في الحيّ.
“كما أراه، يتم إبلاغ الشباب من الأعلى إلى أين يجب أن يذهبوا… للحفاظ على السلطة، أو الحيّ، أو حتى اسم المدرسة نفسه”، هكذا يصف أحد العاملين في مدرسة يتعامل يوميًا مع طلاب على صلة بالعصابات.
مدارس تُدار كأنها فروع ميدانية لعصابات المخدرات
يبدو أن المدارس في بعض المناطق لم تعد مجرد بيئة تعليمية، بل أصبحت “مواقع تشغيل” ضمن اقتصاد العصابات.
الشبكات الإجرامية قسّمت المدارس بينها، وتقوم بتوزيع الفتيان والفتيات في المدارس المستهدفة لضمان استمرار بيع المخدرات ونقل الأسلحة وتجنيد الأتباع الجدد.
أحد العاملين في المدارس وصف ذلك قائلًا:
“الدراسة تستمر ثلاث سنوات، لذا هناك دائمًا حاجة لتوريد دماء جديدة تدخل وتكمل المهمة.”
المدرسة… ساحة حرب جديدة؟
في خضم هذا الواقع، أصبح الالتحاق بمدرسة معينة ليس قرارًا أكاديميًا بل مسألة أمن شخصي. “حسن” – اسم مستعار لطالب في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، له صلات بعالم الجريمة – يروي أنه كان يختار مدرسته بعناية فائقة، ليس لأنها الأفضل علميًا، بل لأنها الأكثر “أمانًا” من وجهة نظره:
“إذا كنت أعلم أن أعدائي يدرسون في مدرسة معينة، فلن أذهب إليها أبدًا… لأنهم سينتقمون.”
وبينما يلتقي المراهقون في الحدائق وعلى أطراف الشوارع لتحديد وجهتهم التعليمية، تُطرح الأسئلة الصعبة: كيف أصبحت المدرسة هدفًا أمنيًا؟ كيف أصبح التلميذ يحمل سكينًا أو سلاحًا ناريًا بدلاً من الحقيبة المدرسية؟
“حسن” يعترف بأنه حمل سلاحًا داخل الحرم المدرسي خوفًا من ملاحقة خصومه له خلال الدوام.
ارتفاع جنوني في جرائم المراهقين
الظاهرة ليست من نسج الخيال، بل تدعمها أرقام مقلقة من النيابة العامة: خلال السنوات العشر الأخيرة، ارتفع عدد المشتبه في تورطهم في جرائم قتل من الفئة العمرية 15-17 عامًا بأكثر من ألف في المئة.
في زمن تتنافس فيه الدول على تطوير مناهجها، يبدو أن بعض المدارس في السويد أصبحت محاور لتصفية الحسابات وتوزيع النفوذ، وتحوّل فيها الحُلم التعليمي إلى كابوس أمني.